آخــر المستـجــدات :

آخر المستجدات

الثلاثاء، 4 أبريل 2017

الغرامة التهديدية والقواعد التي تحكـــم تطبيقـــها

 
تعتبر الغرامة التهديدية وسيلة غير مباشرة، لتنفيذ الأحكام الإدارية الحائزة لقوة الشيء المقضي به، وكذا وسيلة لحمل الإدارة على تنفيذ تلك الأحكام، والقاضي الإداري عند قيامه بتوقيع الغرامة التهديدية ضد الإدارة، لا يعتبر ذلك تدخلا منه ضد الإدارة ولا هو يحل محلها في شيء، ولا يمس في ذلك الفصل بين السلط، ولكنه لا يفعل سوى أن يذكر الإدارة بالتزاماتها الأساسية، المتمثلة في إحترام مضمون قوة الشيء المقضي به، مع إلباس هذا التذكير ثوب التحذير الرسمي، وهو التهديد بجزاء مالي، ؟ فما هي خصائصها ومبررات تحديدها من طرف القضاء الإداري، على ضوء قانون إحداث المحاكم الإدارية، والقواعد العامة للمسطرة المدنية ؟ وهل تحدد بمنطوق الحكم أم بعد تسجيل إمتناع الإدارة عن التنفيذ ؟
هل يجوز تحديد الغرامة التهديدية بمنطوق الحكم أم بعد تسجيل امتناع الإدارة عن التنفيذ :

قد تكون الغرامة التهديدية، وسيلة تابعة لإمتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم، الحائز لقوة الشيء المقضي به، وكجزاء لتقاعس الإدارة عن تنفيذ حكم صادر ضدها، ومن هنا فالمعني بالأمر الذي يصطدم الحكم الصادر ضده، بامتناع الإدارة عن تنفيذه يمكنه اللجوء مجددا للقضاء الإداري، في إطار المسطرة القضائية المنصوص عليها قانونا، للمطالبة بالحكم على الإدارة الممتنعة عن التنفيذ بالغرامة التهديدية، لحملها على التنفيذ بعد أن تثبت هذا الإمتناع بالوسائل القانونية، لذلك فالغرامة التهديدية هنا تكون لاحقة على الحكم الأصلي، لضمان تنفيذه بعد ثبوت إمتناعها أو تماطلها في التنفيذ .

 
لكن العمل القضائي بمختلف المحاكم الإدارية، سار على تحديد الغرامة التهديدية في منطوق الحكم الذي أصدره، عن كل يوم تأخير عن التنفيذ، فتحديد الغرامة التهديدية بمنطوق الحكم، وبمعزل عن تسجيل الإمتناع عن التنفيذ، أمر جائز مادام أنه لا وجود لأي نص يمنعه، والغاية من تحديد تلك الغرامة التهديدية الملازمة لمنطوق الحكم، تحذير للإدارة من بالإلتزامات المالية التي سوف تتحملها، بإمتناعها عن التنفيذ، وهي وسيلة فعلية وذات أهمية لأنها تضمن التنفيذ بشكل سريع، وتغني عن اللجوء مجددا للقضاء، للمطالبة بتحديد الغرامة التهديدية .
إذن نخلص مما ذكر أنه يمكن استعمال الغرامة التهديدية، كوسيلة لاحقة على التنفيذ أو كوسيلة سابقة عليه، وهاته الأخيرة تعتبر عملية وفعلية وذات أهمية كبرى .
تحديد الغرامة التهديدية بين الإدارة والمسؤول عن التنفيذ :
ينص الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية، المحال عليه بموجب المادة 7 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية بما يلي :"إذا رفض المنفذ عليه أداء إلتزام بعمل، أوخالف إلتزاما بالإمتناع عن عمل، أثبته عون التنفيذ في محضره وأخبر به الرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية ".
إن القراءة الأولية لنص المادة أعلاه، في ضوء صياغته القانونية، توحي بأن المخاطب بإجراءات تنفيذ الأحكام الإدارية، هو الشخص المعنوي العام دون الخاص، الذي يبقى مخاطبا بتنفيذ الأحكام العادية، الصادرة في إطار القانون الخاص، ولكن أمام عمومية لفظة المنفذ عليه، التي تعني كلا من أشخاص القانون العام والخاص، هل تسعف في القول بإمكانية تحديد الغرامة التهديدية، في مواجهة الموظف المسؤول عن التنفيذ، إذا ما تعلق الأمر بتنفيذ حكم في مواجهة الشخص المعنوي العام .
 
وقد سبق أن أجاز القضاء تحديد الغرامة التهديدية، في مواجهة المسؤول عن تنفيذ الحكم الإداري، من خلال الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بمكناس، في قضية العيطاوي ضد رئيس جماعة تونفيت، بالملف عدد 110/ 98 بتاريخ 3 /4 / 1998)، وقد جاء في تعليله أن قانون المسطرة المدنية، المطبق أمام المحاكم الإدارية، يشير بأن التنفيذ الجبري للأحكام إلى الغرامة التهديدية، كوسيلة من وسائل إجبار المحكوم عليه على التنفيذ، ولما لم يستثن المشرع أي طرف محكوم عليه من هذه الوسيلة، فإنه لاشيء يمنع من إقرار الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة أو المسؤول الإداري، نتيجة إمتناعهما غير المبرر عن التنفيذ، وإنتهى الحكم في النهاية بتحديد الغرامة التهديدية، في مواجهة المدعى عليه شخصيا، وليس بوصفه شخصا من أشخاص القانون العام، وقد أعطى هذا الحكم مفهوما جديدا للمنفذ عليه، المعني بتحديد الغرامة التهديدية، وتوسع في مجال تطبيق تلك الغرامة، ليحددها في النهاية في مواجهة المسؤول عن التنفيذ، وقد عمد القاضي الإداري المغربي في هاته النازلة، إلى تطبيق فكرة المسؤولية الشخصية، للموظف الممتنع عن التنفيذ، التي نادى بها فقهاء القانون العام في فرنسا .
الجهة المختصة بتحديد الغرامة التهديدية وتصفيتها
ينص الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية، المحال عليه بموجب المادة 7 من القانون رقم 90.41، بما معناه أنه إذا رفض المنفذ عليه تنفيذ منطوق الحكم، القاضي بالقيام بعمل أو بالامتناع عنه، أثبت عون التنفيذ ذلك في محضره، وأخبر الرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية، والصياغة القانونية لهاته المادة، توحي بأن رئيس المحكمة الإدارية، هو المختص بإيقاع الغرامة التهديدية، على الممتنع عن تنفيذ الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به، الجاري تنفيذه في مواجهته، ليس بوصفه قاضيا للمستعجلات، وإختصاصه مشروط بتوافر حالة الإستعجال، وعدم المساس بجوهر الحق، ولكن بوصفه مختصا بنص القانون، وإستعمال كلمة " الرئيس " دون الإشارة إلى " أو من ينيبه " كذلك، تطرح التساؤل حول ما إذا كان رئيس المحكمة الإدارية، هو المختص الوحيد بفرض الغرامة التهديدية دون غيره، بإعتباره المشرف على عملية التنفيذ بمحكمته، من خلال صياغة الفقرة الأخيرة من المادة أعلاه، التي تخول للرئيس تحديد الغرامة التهديدية، بعد إخباره بالإمتناع عن التنفيذ من طرف العون المكلف بالتنفيذ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعرف المزيد

تابعنا على :