آخــر المستـجــدات :

آخر المستجدات

الخميس، 2 مارس 2017

إجراءات حماية أجر الأجير من سطو المشغل

إجراءات حماية أجر الأجير من سطو المشغل
يعتبر الأجر عنصر من عناصر عقد الشغل الضرورية، والذي بدونه لا يمكن الحديث عن عقد الشغل، ونظرا لأهميته فإن جل قوانين الشغل المعاصر ة،
إهتمت به وكذلك بوسائل حمايته، بل وقبل ظهور القوانين الوضعية، حيث ورد في الشريعة الإسلامية في حديث للرسول (ص) "أعطو الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"، وقد عرف مفهوم الأجر تطورا، حيث أنه كان يخضع لمقتضيات القانون المدني وللمبدأ التعاقدي، تم تحول خضوعه لقانون العرض والطلب، قبل الوعي بأهميته كعنصر مهم في السياسة الإجتماعية وتحقيق السلم الإجتماعي، هذا مع العلم أن الأجر في مفهومه الحالي، زيادة على مبدأ الحد الأدنى للأجر، يعتبرمن بين مكتسبات الطبقة العاملة، الذي حققته بعد مخاض عسير.
وهو ماجعل المشرع المغربي يهتم بالأجر وبحمايته، ويخصص له جزءا مهما من النصوص القانونية في مدونة الشغل، بحيث نظم حماية الأجر من كل ما يمكن أن يؤثر عليه، سواء من ناحية المشغل أو الأغيار، وذلك في المواد من 382 إلى 395 من مدونة الشغل.
ولايخفى على أحد أن موضوع حماية الأجر، له أهمية إجتماعية وأهمية إقتصادية، فبالنسبة للأهمية الإجتماعية، فهو يعتبر الوسيلة التي يعتمد عليها الأجير في حياته اليومية ومعيشته، وذلك من أجل التقليص من النظرة العقدية للأجر.
أما فيما يخص الأهمية الإقتصادية، فهو يعتبر عنصرا جوهريا في تحديد تكلفة الإنتاج، التي تتأثر بدورها بمستوى الأجور إرتفاعا وإنخفاضا.
فإلى أي حد توفق المشرع المغربي، في سن إجراءات وقواعد قانونية، كفيلة بحماية الأجر بالشكل المطلوب؟
حماية الأجر من المشغل :
إن أداء الأجر من بين أهم الإلتزامات، التي تقع على عاتق المشغل الناتجة عن إبرام عقد الشغل، الذي يعتبر كذلك المقابل لإلتزام الأجر بأداء العمل، وذلك لأن عقد الشغل يصنف ضمن العقود التبادلية، أو العقود الملزمة للجانبين، هذا ومن جهة أخرى فإنه يعتبر تطبيقا للقاعدة، المعروفة في مجال قانون الشغل، والقائلة بأن : ( الأجر مقابل العمل)، رغم بعض الاستثناءات والتي يستحق فيها الأجيرالأجر فقط، مقابل تواجده في مكان الشغل ولو لم يقم بتأدية الشغل لسبب خارج عن إرادته، ووعيا من المشرع المغربي بأهمية الأجر بالنسبة للأجير، والذي يعتبر الطرف الضعيف في العلاقة الشغلية، والدور المعيشي للأجر، لذلك خصص نصوص آمرة تهدف إلى حماية الأجر من المشغل، الذي قد يستغل مركزه كطرف قوي ويقوم بالضغط على الأجير، مما يؤدي إلى الإنعكاس سلبا على أهم مصدر عيش للأجير، علما أنه يمكن أن يقوم الأجير ببعض التصرفات القانونية، في إطار علاقته بالمشغل فيصبح دائنا لهذا الأخير، الشيء الذي جعل المشرع يضع نصوصا قانونية، تحول دون الإلتجاء إلى القواعد العامة، والواردة في ظهير الإلتزامات والعقود، والتي لا تأخذ بعين الإعتبار صفة الأجير، وما يجب أن يتمتع به من حماية .
الإقتطاع عن طريق المقاصة :
بالرجوع إلى العادات السائدة في العلاقات الشغلية، نجد أن الأجير قد يلتجأ إلى المشغل لإقتراض مبلغ من المال، عندما يكون في حاجة إليه بسبب مناسبة معينة، والذي لا يكفيه فيها الأجر الذي يحصل عليه لتلبية حاجياته، وذلك لمناسبة معينة كإزدياد مولود جديد مثلا، وتبعا لذلك يتم الإتفاق بين الأجير والمشغل على أجل معين، من أجل الوفاء بذلك الدين، إلا أنه قد لا يحترم الأجير ذلك الأجل، وتواجهه صعوبة في إمكانية الوفاء بما في ذمته من دين، الشيء الذي قد يخول له وفقا للقواعد العامة الالتجاء إلى المقاصة، والمتمثلة في الفصل 357 من قانون الإلتزمات والعقود التي يقول : (تقع المقاصة إذا كان كل من الطرفين، دائنا للآخر ومدينا له بصفة شخصية، وهي لا تقع بين المسلمين، عندما يكون من شأنها أن تتضمن مخالفة، لما تقضي به الشريعة الإسلامية).
ومن خلال هذا الفصل يظهر أنه بإمكان المشغل، أن يقوم بمقاصة ماله من حق لدى الأجير، وبين ما هو مدين له من أجر، لكن هذا أمر غير متيسر لأنه من جهة سيضر بالأجير لا محالة ويضر بأسرته، ومن جهة ثانية ما تنص عليه المادة 385 من مدونة الشغل، والتي صيغت من أجل حماية الطرف الضعيف، وتنص هذه المادة على أنه : (لا يمكن للمشغلين أن يَجْرُوأ لحسابهم أي مقاصة، بين ما عليهم لأجرائهم من أجور، وبين ما قد يكون على هؤلاء الأجراء من ديون لفادتهم، مقابل مدهم بمختلف اللوازم أيا كان نوعها باستثناء.....)، وبالتالي يظهر من خلال هذه المادة، أنه لا يمكن للمشغل أن يلتجأ إلى المقاصة بمعناها المدني الصرف، ولكن في نفس الوقت أورد المشرع بعض الإستثناءات، التي نص عليها في نفس المادة، بمعنى أن المشرع لا يريد حرمان المشغل الدائن من نظام المقاصة بشكل مطلق، لأن ذلك سيؤدي إلى إمتناعه مستقبلا عن الإقراض مجددا، وهذا بحد ذاته سيكون فيه ضرر للأجير، وكذلك لايريد تطبيق المقاصة بالمعنى المدني الصرف، لأن الأجير قد يقتطع منه كل الأجر.

حماية الأجير من مزاحمة دائني المشغل من خلال حق الإمتياز :
ينص الفصل1241 من قانون الإلتزامات والعقود على أن : ( أموال المدين ضمان عام لدائنيه، ويوزع ثمنها عليهم بنسبة كل واحد منهم، ما لم توجد بينهم أسباب قانونية للأولوية).
أقر المشرع حماية خاصة للأجير ومنحه الأولوية، لكن هذه الاولوية كانت محل إنتقاد الفقه المغربي لأنها كانت ناقصة، لأن الأجير له طابع معيشي يفترض أنه يأتي قبل هذه الديون.

ــ القانون المدني :
من المتعارف عليه في القانون المدني، أن الأولوية حق يمنحه القانون على أموال المدين، نظرا لسبب الدين، وبذلك فهو يتميز بكونه حق عيني وكذلك هو حق مصدره القانون، وهو حق يمنح لصاحبه حق الأفضلية والتتبع، لاستيفاء دينه قبل غيره من الدائنين الآخرين.

ــ مدونة الشغل :
أما بالنسبة لمدونة الشغل فإنها ومن خلال المادتين 382 و 261، يظهر أنها جعلت الأجير في المرتبة الأولى، ضمن الديون الواردة في الفصل 1242، من قانون الإلتزامات والعقود، بمعنى أنه أصبح في مرتبة مصروفات الجنازة، وإذا كانت المادة 382 قد أوضحت وبشكل بارز، أن الإمتياز يهم كل الأداءات، سواء كان مصدرها تنفيذ عقد الشغل، وما ينتج عنه من أجور وتعويضات أو عن إنهائه أو انتهائه أو فسخه، وهو ما تطرقت إليه المادة 382، مما يعني أخدها بالمفهوم الواسع، أي التعويض عن الأخطار والفصل والضرر، كذلك يتضح من خلال المادة 382، أنها تتحدث عن الأجير بدون تميز عكس الفصل 1241 .
مدونة التجارة :
القاعدة المنصوص عليها في مدونة التجارة، هو أن الديون الناجمة عن عقد الشغل ومنها الأجور تكون مستحقة الأداء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعرف المزيد

تابعنا على :