آخــر المستـجــدات :

آخر المستجدات

الثلاثاء، 21 فبراير 2017

مسطرة الإستماع للأجير خطوة إلزامية في معادلة الخطأ والعقاب



 مسطرة الإستماع للأجير
 خطوة إلزامية في معادلة الخطأ والعقاب
بعد مصادقة المغرب على الإتّفاقية الدولية للشغل،رقم 158 لسنة 1982 بموجب ظهير1993،والمُنظّمة لمسطرة خاصّة وجديدة للفصل من العمل،سعى المغرب جادّا إلى جعل تشريعه الداخلي مطابقا لتلك الإتفاقية،من خلال إدراج أهمّ مقتضياتها ضمن الموادّ (62.63.64.65) من مدوّنة الشغل،
لإحاطة الفصل التأديبي بجملة من الإجراءات الواجب على المشغّل إحترامها وإلّا إعتبر الفصل تعسّفيا،حيث تُعتبر مسطرة الإستماع إلى الأجير إحدى المستجدات،التي جاءت بها مدوّنة الشغل بمقتضى المادة 62 منها،ذلك أنّ هذه المسطرة تُعتبر إحدى الضمانات القانونية المخوّلة للأجير،التي هدف منها المشرّع المغربي إلى تكريس الطابع الحمائي الوجوبي للأجير،وذلك بغية الحدّ من السلطة التأديبية المطلقة للمشغّل،عبر إلزامه بدراسة وضعية الأجير بشكل وافي وشامل قبل إتخاذ قرار الفصل ف حقّه،ثُمّ إخطار الأجير بشكل رسمي بمبرّرات وأسباب الطرد (الفصل)،حتّى يتسنّى له تهيئ دفاعه إن هو قرّر اللجوء إلى القضاء .
وللحدّ من تعسّف المشغّل في ممارسة سلطته التأديبية،قام المشرّع بتعديل مسطرة الفصل التأديبي للأجير،وفق مقتضيات الإتفاقية الدولية رقم 158 المتعلّقة بإنهاء عقد الشغل بإرادة منفردة للمشغّل،حيث جاء في مادّتها الثالثة أنّه : « يتعيّن على المشغّل أن يتيح للأجير فرصة الدفاع عن نفسه،في مواجهة الإدّعاءات ضدّه إليه قبل إتخاذ المقرّر التأديبي».
والجدير بالذكر هو أنّ جوهر مسطرة الإستماع إلى الأجير،هو في إتاحة الفرصة للأجير للقاء بالمشغّل ،وما قد يوضّحه هذا اللقاء من أمور قد تكون مبهمة أوغائبة أومغيّبة،كما أنّه في إطار دفاع الأجير عن نفسه سيكون بإمكانه تقديم جميع الإثباتات لمشغله،وإقناعه بكون الأخطاء المنسوبة إليه لا أساس لها من الصحّة،وفي هذه الحالة فإنّ أيّ تسرّع للمشغّل في إتّخاده لقرار الفصل دون تروّي،سيترتّب عنه تقديم العامل المتضرّر من هذا القرار لدعوى أمام المحكمة،والتي ستحكم حتما على المشغّل بأداء تعويض له جبرا للضرر،فما من شكّ أنّ إتخاذ أيّ قرار ما بشأن أمر معيّن،ماهو إلّا ترجمة لحالة المعني بالأمر أثناء إتّخاذه لقراره،والتي يجب أن تكون ترجمة صادقة لما إستفاد منه في تجربته الإجتماعية والإنسانية .
وينبغي التمييز في إطار مسطرة الفصل التأديبي عن العمل،بين المسطرة العامّة لفصل الأجراء العاديين وبين المسطرة الخاصّة لفصل بعض الأجراء "المحميين" ،والتي تهمّ مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين،والذين لا يمكن إتخاد أي إجراء تأديبي في حقّهم إلّا بحضور مفتش الشغل،وبإجراءات خاصة،وهو ما سنتطرّق إليه لاحقا في هذا الموضوع .
هذا مع الإشارة إلى مسألة في غاية الأهمية مفادها،أنّ المشرّع إعتبر أنّ مسطرة الإستماع إلى الأجير،من أهمّ مستلزمات الإجراءات الشكلية التي يتعيّن على المشغّل سلوكها،قبل إقدامه على فصل الأجير،سواء تعلّق الأمر بإرتكاب خطأ جسيم أو لخطأ غير جسيم،ماعدا في حالة الإنذار أوالتوبيخ المنصوص عليهما في المادة 37 من المدوّنة وإلّا إعتُبر الطرد تعسفيا .
الإجراءات القبلية لمسطرة الإستماع إلى الأجير :
يجب قبل فصل الأجير عن العمل سواء نتيجة لإرتكاب هذا الأخير لخطأ جسيم،أونتيجة توقيع إحدى العقوبتين التأديبية المنصوص عليهما في الفقرتين 3 و4 من المادة 37 داخل السنة،إحترام عدّة إجراءات قبل توقيع هذه العقوبات،ولهذا فأوّل إجراء يتعيّن على المشغّل التقيّد به،هو إبلاغ الأجير بالمخالفة المرتكبة حتى يتمكّن من إعداد دفاعه قبل الإستماع إليه،لذا فقد جاءت المادة 62 بصيغة الإلزام حماية للأجير،وبالتالي يجب قبل فصل الأجير أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه بحضور المشغّل أو من ينوب عنه،وبحضور مندوب الأجراء أوالممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير بنفسه في أجل لا يتعدّى 8 أيام،إبتداء من التاريخ الذي تبيّن فيه إرتكاب الفعل المنسوب إليه،ويتمّ تحرير محضر في الموضوع من قبل إدارة المقاولة،يوقّعه الطرفان وتُسلّم نسخة منه إلى الأجير،وإذا رفض أحد الطرفين إجراء أوإتمام إجراءات المسطرة يتمّ اللجوء إلى مفتّش الشغل.
وتبعا لذلك فإنّ مسطرة الإستماع إلى الأجير تعدّ ضمانة ممنوحة،لحماية هذا الأخير من تحكّم وتعسّف المشغّل أثناء توقيعه العقوبة التأديبية عليه،حيث تُمكّنه من نفي ما نُسب إليه أوأنّ الخطأ الذي إرتكبه بسيط ولا يرقى لدرجة الجسامة،أوأنّ هذا السلوك أوالخطأ غير منصوص عليه في المادة 39 من م.ش،أوفي النظام الداخلي أوفي إتفاقية الشغل الجماعية،أمّا الطرف الذي يتعيّن عليه فتح مسطرة الإستماع للأجير فهو المشغّل،إذ تنصّ المادّة 62 على وجوب إتاحة الفرصة للأجير للدفاع عن نفسه،من طرف المشغّل أو من ينوب عنه داخل أجل لا يتعدّى 8 أيام،إبتداء من التاريخ الذي تبيّن فيه إرتكاب الفعل المنسوب إليه،ولهذا فالمشغّل هو المُلزم بإستدعاء الأجير،قصد الإستماع إليه قبل الإقدام على فصله،أمّا بخصوص التبليغ في قانون المسطرة المدنية فأهميته مرتبطة بحقوق الدفاع،وتكمن في إحاطة الخصم علما بالإجراء المُراد إتّخاذه في مواجهته،إلّا أنّ المشرّع المغربي سكت عن الموضوع ولم يُحدّد كيفية إستدعاء الأجير،خلافا للمشرّع الفرنسي الذي نصّ على أنّ الإستدعاء،يتمّ كتابة عن طريق رسالة مضمونة أورسالة تسلّم إلى المعني بالأمر شخصيا مقابل وصل إستلام، وذهب الفقه المغربي في نفس نهج المشرع الفرنسي بالقول :« إن أول إجراء على المشغّل إحترامه هو إبلاغ الأجير المتّهم بالإخلال بالتزامه كتابة بما هو منسوب إليه، وذلك حتى يتمكّن من إعداد دفاعه قبل الإستماع إليه ».
وللمراهنة على إستقرار علاقات الشغل،فإن مدوّنة الشغل إشترطت في المادّة 62 أن يتمّ الإستماع إلى الأجير،بحضور مندوب الأجراء أوالممثّل النقابي بالمقاولة،والذي يختاره الأجير بنفسه،ويبقى التساؤل مطروحا بخصوص بعض المقاولات التي لا تتوفّر على مندوب الأجراء أو الممثل النقابي ؟
فعلى خلاف المشرّع المغربي الذي سكت عن إشكالية إستعانة الأجير،الذي يتعلّق بمقاولة تشغّل إعتياديا أقلّ من عشرة أجراء،فإنّ المشرّع الفرنسي بذلك أعطى الحقّ للأجير بأن يختار مستشارا من بين الأجراء،بمقتضى القانون المؤرّخ في 18 يناير 1991،وهذا المستشار يقوم بمساعدة الأجير في المقاولات التي لا تضمّ ممثلين للعمال،ومن خلال الإستماع إلى الأجير يمكن للمشغّل بعد حصوله على كلّ التفاصيل تغيير قراره المتعلّق بفصل الأجير .
الإجراءات البعدية لمسطرة الإستماع إلى الأجير :
بعد الإستماع إلى الأجير والدفاع عن نفسه، يحرّر محضر كتابي (مقرّر الفصل) في الموضوع،من قبل إدارة المقاولة التي يشتغل بها الأجير،حيث تُسجّل في هذا المحضر تلك العقوبة التأديبية المتخذة في حقّه،ويُوقّع من جانب الطرفين (الأجير والمشغل) وتسلم نسخة منه للأجير،بالإضافة كذلك إلى إبلاغ مفتّش الشغل به كما تنصّ على ذلك المادّة 64 من م.ش.
ومعلوم أنّ مضمون المحضر يتعلّق بطبيعة الفعل المنسوب إلى الأجير،وتاريخ إرتكاب ذلك الفعل وكذلك وسائل إثبات ذلك الفعل مثل الشهود،كما يتضمّن هذا المحضر الوسائل الواردة في دفاع الأجير،والنقط المثارة من طرف مندوب الأجراء أوالممثل النقابي والموقف النهائي للمشغّل .
1- شرط إبلاغ الأجير بمقرّر الفصل :
- ماهية مقرّر الفصل : يمكن أن نعرّف مقرّر الفصل أنّه ذلك المحرّر الكتابي،الذي يكون على شكل رسالة أومقرّر يُسلّمه المشغّل للأجير،والذي يبيّن له من خلاله الأسباب التي أدّت إلى فصله من العمل،وجعله المشرّع الوسيلة التي يعلم بموجبها الأجير بفصله عن العمل،ومقرّر الفصل كان المشرّع المغربي يعمل به في ظلّ التشريع السابق( المادّة 6/ الفقرة 9)،كما أنّ المشرّع الجزائري نصّ عليه وأطلق عليه إسم قرار فصل العامل في(الفقرة 2 المادّة 73 / 2 من قانون 90 / 11)،أمّا المشرّعيْن المصري والتونسي فلم ينُصّا على هذا الإجراء أبدا،واكتفيا فقط بإنذار العامل قبل فصله .
- مضمون مقرّر الفصل : تنصّ المادّة 64 من مدوّنة الشغل في الفقرة الثانية،إذ يجب أن يتضمّن مقرّر الفصل الأسباب المبرّرة لإتّخاذه،وتاريخ الإستماع إليه مُرفقا بالمحضر المشار إليه في المادّة أعلاه،وعليه نجد أنّ المشرّع المغربي قد أوجب من خلال هذه المادّة على المشغّل،أن يتضمّن مقرّر الفصل الموجه للأجير الأسباب والمبررات،التي جعلته يتخذ ذلك القرار بالفصل عن العمل،كما يجب أن يتضمّن تاريخ الإستماع إلى الأجير بدقّة،حتى تتمكّن المحكمة في حالة عرض النزاع عليها من التأكد من الآجال القانونية،وهو التوجّه الذي سار عليه المجلس الأعلى من خلال قراره عدد 196 الصادر بتاريخ 13/06/92،والذي جاء فيه " رسالة الفصل التي يوجّهها ربّ العمل للأجير،يجب أن تتضمّن بصفة واضحة أسباب الطرد ومبرّراته،" وهو نفس ما سار عليه المشرع الفرنسي من خلال المادة 37 – 122 L .
ـ تسليم المقرّر : كان المشرّع المغربي يُلزم العمل في إطار تشريع الشغل السابق،تسليم مقرّر الفصل يدا بيد مع إرساله له مرّة ثانية بالبريد المضمون،أمّا الآن في ظل 66/99 فقد اكتفى المشرع بإحدى الطريقتين حسب اختيار المشغل،كما تنصّ على ذلك المادّة 63 من مدونة الشغل من خلال تشددها بخصوص التبليغ،بما مضمونه أنّه : «يُسلّم مقرّر الفصل إلى الأجير المعني بالأمر يدا بيد،مقابل وصل أوبواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصّل،داخل أجل ثمانية وأربعين ساعة من تاريخ إتخاذ المقرّر المذكور»،فمن خلال المادّة أعلاه يتبيّن أنّ المشرّع،قد خيّر المشغّل في طريقة تبليغ المقرّر للأجير،إمّا بتسليمه إليه يدا بيد أو بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصّل .
ويرى بعض الفقه أنّه عندما يتّخذ المشغّل القرار بفصل الأجير عن العمل،فلا يمكن أن يُبلّغ إليه مقرّر الفصل بصفة شفاهية أوبواسطة أحد عمّاله،كأن يكلّفه بإخبار الأجير بأنه مفصول عن العمل،فهذا غير جائز حسب مدوّنة الشغل،كما أنّ التبليغ بواسطة البريد
المضمون يثير بعض الصعوبات،من قبيل أنّ الرسالة قد توجّه إلى عنوان لا يقطنه الأجير أوقد يتعذّر إستلامها،ويبقى من حقّ المشغّل إستعمال وسائل أخرى كالتبليغ عن طريق المفوّض القضائي،وحتى يستطيع المشغّل التواصل مع الأجير،يجب على هذا الأخير أن يُدلي له بعنوانه الصحيح،وهذا ما أكّدته الفقرة الأخيرة من المادّة 22 من مدوّنة الشغل،وفي نظرنا فإن تسليم مقرّر الفصل إلى الأجير يدا بيد مقابل وصل،وفي حضور أطراف المشاركة في جلسة الإستماع هي الطريقة المثلى لتبليغه،وهي تُعتبر كذلك وسيلة إثبات في حالة إنكار الأجير تسلّم المقرّر،وفي الواقع فإنّه يجب التمييز بين عدم تبليغ رسالة الفصل الناتج عن سوء نيّة الأجير،وبين عدم التبليغ نتيجة تقصير المشغّل،فالتبليغ يكون قانونيا إذا أُرجع الإشعار بالتوصل،بملاحظة "مرفوض"أو"إنتقل إلى عنوان آخر"أو"لا يسكن بهذا العنوان"،ويتحمّل الأجير في هذه الحالة المسؤولية نتيجة إغفاله،أمّا إذا أرجع الإشعار بملاحظة "غير مطلوب"أو"المكان مغلق" فلا يعتبر التبليغ تبليغا قانونيا،ويمكن للمشغّل توجيه إنذار إستنادا على أوامر رئيس المحكمة،ويبقى من أهمّ الإشكالات المثارة في هذا الصدد هو،هل تبليغ مقرّر الفصل هو شرط جوهري لإضفاء المشروعية على الفصل ؟ أم أنّ التبليغ هو فقط شرط لإثبات الفصل فقط ؟
وهنا إنقسم الفقهاء إلى إتجاهين، هناك من إعتبر رسالة الفصل شرط صحّة والفصل تعسّفيا،في حالة توجّه الأجير إلى مفتّش الشغل لإتمام جلسة الإستماع،ورفض المشغل إجراءها أوإتمامها،أمّا إذا لم يقُم الأجير باللّجوء إلى مفتّش الشغل ليطلب إجراء أوإتمام هذه المسطرة،ففي هذه الحالة يُعتبر متنازلا عن حقّه،في حين يرى إتجاه آخر أنّ تبليغ مقرّر الفصل للأجير شرط صحّة بالنسبة لمسطرة الفصل،ويرى بأنّ هذه الأخيرة تُعتبر قاعدة جوهرية،وذلك كون تطبيقها ورد بصيغة الوجوب،ممّا يظهر أنها قاعدة آمرة حتى ولو لم يتمّ ترتيب أيّ جزاء على مخالفتها،ولم يسلم الإجتهاد القضائي من هذا الجدل،فقد تبنّى في بداية الأمر بأنّ تبليغ مقرّر الفصل للأجير هو مجرد وسيلة إثبات،إلّا أنّه تراجع عن هذا النهج سنة 1974،وإعتبر أنّ تسليم مقرّر الفصل هو شرط صحّة ويتّصل بجوهر النظام العامّ،
أمّا المشرّع الجزائري فلم يبني من خلال ق11/90 أيّ طريقة لتسليم مقرّر الفصل،وهذا ما يُبرّز لنا تقدّم المشرّع المغربي في هذا الإجراء،من خلال تشدّده بخصوص تبليغه والذي بدونه يُعتبر الفصل تعسّفيا .
إذا كان المبدأ أو القاعدة هو إحترام شكلية تسليم مقرّر الفصل للأجير،حتى يكون هذا الأخير عالما بالجزاء الموقّع عليه،لكن هناك حالة إستثناء يمكن خلالها توقيع الفصل التأديبي دون مراعاة هذه الشكلية في وقت معين،وهنا نتحدث عن حالة الأجيرة الحامل التي إعتبرها المشرّع حالة إنسانية،ونجد ذلك في الفقرة الثالثة من مقتضيات المادة 159 من مدوّنة الشغل والتي إشترطت ألّا تبلّغ الأجيرة قرار الإذغان فترة التوقّف عن الشغل،وهذا الإتجاه تبنّاه المشرّع من خلال الإتفاقية الدولية رقم 3 ،الصادرة عن منظّمة الأعمال الدولية الخاصّة بحماية الأمومة بصفة غير مباشرة . 
2 – شرط إخبار مفتّش الشغل بمقرّر الفصل :
أحاط المشرّع فصل الأجير بجملة من الإجراءات التأديبية،التي يجب على المشغّل إحترامها وإلّا كان الفصل تعسّفيا، وتتحدّد هذه الإجراءات في ضرورة إبلاغ الأجير بمقرّر الفصل،بالإضافة كذلك إلى إبلاغ مفتّش الشغل به،فقد نصّت المادّة 64 من م.ش صراحة على توجيه نسخة من مقرّر عقوبة الفصل،إلى العون المكلّف بتفتيش الشغل لما لهذا الأخير من دور في حلّ نزاعات الشغل الفردية،حيث أنّ المشرّع قد أوكل لمفتّش الشغل مهمّة إجراء محاولة التصالح في هذه النزاعات،سمّيت هذه المحاولة بـ مسطرة الصلح التمهيدي وهي مسطرة حديثة من الناحية القانونية،يلتجأ إليها الأجير الذي فُصل تعسّفيا عن الشغل بدل اللجوء إلى المسطرة القضائية،حيث يلجأ إلى العون المكلّف بتفتيش الشغل من أجل القيام بإجراء محاولة الصلح بينه وبين مشغّله،بالرجوع إلى الشغل كما جاء في الفقرة الأخيرة للمادّة 41 من مدوّنة الشغل،أنّ المشرّع أجاز للقاضي في حالة ثبوت الفصل التعسفي،إمّا الحكم بإرجاع الأجير إلى عمله أوالحكم له بالتعويض،ومن أجل الحفاظ على مبدأ إستقرار الشغل، يحاول القاضي إرجاع الأجير إلى عمله،أو الحصول على تعويض مناسب له،فإذا تمكّن عون التفتيش من إرجاع الأجير إلى الشغل، يكون النزاع قد حُسم وإن لم يتمكّن من ذلك فإنّه يحقّ له الحصول على تعويض مناسب،يوقّع بشأنه توصيل إستلام مبلغ التعويض من طرف الأجير والمشغّل أومن ينوب عنه،مصادقا على صحّة إمضائه من طرف الجهات المختصّة،ويوقّع بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل،ويصير الإتفاق الذي تمّ التوصّل إليه في إطار هذا الصلح،نهائيا وغير قابل للطعن أمام المحاكم،لكن وتفاديا للّجوء إلى القضاء يتدخّل مفتّش الشغل حبّيا،بين المشغّل والأجير لحلّ نزاعهم بإحدى الطريقتين : إمّا أن يعمل على توجيه هدف الإتّفاق إلى إرجاع الأجير إلى عمله،وفي حالة تعذّر هذا الحلّ يقترح على الأطراف تعويضا إذا كان الفصل مبرّر .
ويرى أحد الفقه بأن الغاية من توجيه نسخة من هذا المقرّر،إلى العون المكلّف بتفتيش الشغل هي فقط للإخبار والإستعداد،في حالة ما إذا طلب الأجير الشروع في مسطرة الصلح قبل رفع الدعوى أمام المحكمة،والملاحظ أنّ المادّة 64 من مدونةّ الشغل،لم تُلزم المشغّل بعد توجيه مقرّر الفصل إلى العون المكلّف بتفتيش الشغل بأيّ قيد زمني،عكس ما جاء في المقتضيات الواردة في الفصل السادس من قرار 23 أكتوبر 1948 الملغى،التي كانت تُحتّم إخبار عون التفتيش في ظرف ثمانية أيام،إبتداء من يوم إثبات الخطأ التأديبي،وبالتالي فإنّ تبليغ العون المكلّف بتفتيش الشغل يُعتبر شرطا جوهريا،وجب على المشغّل إحترامه في مسطرة الفصل التأديبي،وهذا ما قضى به المجلس الأعلى في أحد قراراته حيث جاء فيه : « لكن حيث أنّ المشغّل الذي يفصل أجيرا لإرتكابه خطأ،عليه كما يفرض ذلك الفصل 6 من قرار 23 أكتوبر 1948،أن يوجّه له إنذارا داخل 48 ساعة،يخبره بفصله وبأسباب الفصل وأن يوجّه نسخة من الإنذار إلى مفتّش الشغل».
هذا وتكمن الأهمية من تبليغ مقرّر الفصل،لكلّ من الأجير وكذا العون المكلّف بتفتيش الشغل،في أنّها نقطة إنطلاق أو بدء إحتساب أجل وضع الأجير لدعوى الطعن،في قرار الفصل المطبّق في حقّه أمام القضاء.
3 – حقّ الطّعن في مقرّر الفصل :
إنّ شعور الأجير بعدم شرعية الفصل الذي إتّخذه المشغّل في حقّه،يخوّله رفع دعوى للطّعن في مشروعيّة هذا الفصل أمام القضاء،حيث تنصّ المادّة 65 من مدوّنة الشغل على ما يلي : « يجب تحت طائلة سقوط الحقّ،رفع دعوى الفصل أمام المحكمة المختصّة،في أجل تسعين يوما من تاريخ توصّل الأجير بمقرّر الفصل،ويجب النصّ على الأجل المذكور أعلاه،في مقرّر الفصل الوارد في المادة 63 أعلاه.».
ويبدو أنّ المشرّع المغربي حدّد هذه المدّة وإعتبرها من النظام العامّ،ولا يجوز مخالفتها إذ أنّها جاءت بصيغة الإلزام "يجب"،ومنه فإنّ مدوّنة الشغل قد حسمت في الجدل المطروح،وحدّدت الأجل في تسعين يوما من تاريخ توصّل الأجير بمقرّر الفصل تحت طائلة سقوط الحقّ،ويجب أن يتمّ التنصيص على هذا الأجل في مقرّر الفصل،وقبل ذلك إثبات إحترام المشغّل إجراءات مسطرة الإستماع للأجير أو مسطرة الفصل .
والملاحظ من خلال هذا التوجّه القضائي وكذا المادّة 65 من مدوّنة الشغل،أنّهما جاءا على شكل حماية مزدوجة للأجير، فإذا كان حقّ هذا الأخير يسقط في رفع الدعوى بإنصرام أجل 90 يوما،فإنّ سقوط هذا الحقّ رهين أيضا بإحترام المشغّل للمقتضيات المنصوص عليها في المواد 62 - 63 - 64 من مدوّنة الشغل،ولهذا فتبليغ مقرّر الفصل داخل الأجل القانوني يقتضي كذلك الطعن داخل هذا الأجل،في حين أنّ عدم توجيه مقرّر الفصل من طرف المشغّل بعد مسطرة الإستماع يجعل الفصل تعسّفيا .

هناك تعليق واحد:

  1. الاجير توصل على يدي مفوض قضائي للاستماع واعطائه فرصة لدفاع عن نفسه كما ينص عليه القانون 62 الى ان الاجير رفض الحضور الى استماع مادا يقول القانون في هذه الحالة

    ردحذف

إعرف المزيد

تابعنا على :