آخــر المستـجــدات :

آخر المستجدات

الثلاثاء، 21 فبراير 2017

الخطأ الجسيم كسبب أساسي لإيقاع الفصل التأديبي في حقّ الأجير :



الخطأ الجسيم كسبب أساسي لإيقاع الفصل التأديبي في حقّ الأجير :
إنّ المشرّع لم يعرّف الخطأ الجسيم لا في النظام النموذجي الصادر في 23/10/08 ولا في مدوّنة الشغل الجديدة،وفي غياب هذا التعريف تُطرح صعوبة تحديد مفهوم دقيق له،ممّا يفرض على القضاء إعمال سلطته التقديرية في تكييف الخطأ المنسوب للأجير
هل هو خطأ جسيم مبرّر للفصل،أم هو يسير يمكن للمشغّل أن يصدر في حقّه العقوبات التأديبية الأخرى، المنصوص عليها في المادّة 37 من م.ش مع إحترام مبدأ التدرّج،ويمكن القول بأنّ الخطأ الجسيم هو الفعل الذي يستحيل معه الحفاظ على العلاقة التعاقدية،ولو أثناء مهلة الإخطار ولا يبقى للأجير الحقّ في التعويض،لكنّ المشرّع المغربي لم يعمل على تعريف الخطأ الجسيم،في الوقت الذي عرّفت محكمة النقض الفرنسية الخطأ الجسيم، بأنه الخطأ الذي يجعل من المستحيل إستمرار علاقة العمل بين المشغّل والأجير المخطئ،ولهذا فالخطأ الجسيم هو الذي يكون في غالب الأحيان مبرّرا لفصل الأجير عن عمله،حيث يُضفي نوعا من الشرعية على الفصل الذي يوقّعه المشغّل على الأجير .
وقد عمل التشريع المغربي على تحديد الأخطاء الجسيمة،في إطار المادتين 39 و40 من مدوّنة الشغل،حيث تعتبر الأكثر تضمينا للأخطاء الجسيمة، وتنصّ المادّة 39 على أنّه :
(تعتبر بمثابة أخطاء جسيمة يمكن أن تؤدّي إلى الفصل،الأخطاء التالية المرتكبة من طرف الأجير :
 - إرتكاب جنحة ماسّة بالشرف أوالأمانة أوالآداب،صدر بشأنها حكم نهائي سالب للحرية
- إفشاء سرّ مهني فيه ضرر للمقاولة،
 - إرتكاب الأفعال التالية داخل المؤسّسة أوأثناء الشغل :
 - السرقة - خيانة الأمانة - السكر العلني - تعاطي مادّة مخدّرة - الإعتداء بالضرب - السب الفادح .
 - رفض إنجاز شغل يخصّه عمدا وبدون مبرّر  - ارتكاب خطأ نشأت عنه خسارة مادية جسيمة للمشغل
- التغيّب بدون مبرّر أكثر من أربعة أيّام،أوثمانية أنصاف يوم خلال 12 شهرا .
 - إلحاق ضرر جسيم بالتجهيزات أوالآلات أوالمواد الأولية عمدا أونتيجة إهمال فادح .
 - عدم مراعاة إتباع تعليمات حفظ السلامة في الشغل،وسلامة المؤسسة ترتّبت عنها خسارة جسيمة - التحريض على الفساد .
 - إستعمال أيّ نوع من أنواع العنف والإعتداء البدني،الموجّه ضدّ أجير أومشغّل أومن ينوب عنه لعرقلة سير المقاولة،ويقوم مفتّش الشغل في هذه الحالة الأخيرة،بمعاينة عرقلة سير المؤسّسة وتحرير محضر بشأنها ).
أمّا صيغة "بمثابة أخطاء جسيمة" التي وردت في الفقرة الأولى من المادّة 39 من المدوّنة،كما جاء سابقا في النظام النموذجي خاصّة في فصله السادس،فيُفهم منها أنّ هذه الأخطاء ذكرت على سبيل المثال لا الحصر،وهذا التفسير هو الذي أخذ به المجلس الأعلى،في قرار رقم 46 الصادر بتاريخ 10/2/1982. 
ولا يفوتنا أن نشير هنا إلى حذف خطأ "المسّ بحرّية الشغل" من لائحة الأخطاء الجسيمة،لأنّه لا ينسجم مع الفصل 288 من القانون الجنائي،المتعلّق بمعاقبة كلّ من حمل على التوقف الجماعي عن العمل،أوعلى الإستمرار فيه مستعملا الإيذاء أوالعنف أوالتهديد،وهو تحقيق لمطلب المنظّمات النقابية للعمّال،وإن كانت المادّة 12 من المدونة قد أعطت المؤاجر،حقّ تأديب الأجير في هاته الحالة بإيقافه لمدّة 7 أيام،ثم 15 في حالة العود مع إمكانية الفصل في المرّة الثالثة.
إن إرتكاب الأجير للأخطاء الجسيمة الواردة في مقتضيات المادة 39 من مدونة الشغل،يمكن أن تؤدّي إلى فصل الأجير، فالفصل هنا حسب المشرّع ليس إلزاميا بتطبيقه من طرف المشغّل على الأجير،خاصّة وأنّ المشرع عمد إلى إستعمال  عبارة "يمكن" وليس "يجب" ،وما يؤكّد ذلك هو أنّه حتّى إذا فرضنا أنّ المشغّل إستعجل وصمّم على فصل الأجير من المقاولة أو المؤسسة، مستندا على ذلك بنصّ المادّة 61 من مدوّنة الشغل، التي إستعمل فيها المشرّع كذلك عبارة "يمكن"، حيث تنصّ هذه المادّة على أنّه :
(يمكن فصل الأجير من الشغل،دون مراعاة أجل الإخطار،ودون تعويض عن الفصل،ولا تعويض عن الضرر عند إرتكابه خطأ جسيما)،فإنّه أوجب على المشغّل أن يتّبع ويتقيّد بمجموعة من الإجراءات،والتي فرضها المشرّع في هذا الصدد كإجراءات مسطرية يجب إتباعها،بإعتبارها جملة من الضمانات التي توفّر حماية عادلة للأجراء،في مواجهة عقوبة الفصل نتيجة الخطأ الجسيم،أونتيجة إستنفاذ العقوبات التأديبية داخل السنة،المنصوص عليها في المادّة 37 من مدوّنة الشغل .
إلّا أنّ أبرز جديد حملته مدوّنة الشغل في هذا الباب،هو أنّ المشرّع لم يقتصر على ذكر الأخطاء الجسيمة للأجير فقط،كما في ظهير 48 بل أضاف مادّة مستقلّة وهي المادّة 40،والتي حدّدت أربع حالات للأخطاء الجسيمة الصادرة عن المشغّل كــمـــــــــا يــلــــــــي :
ــ السب الفادح – إستعمال العنف أوالإعتداء الموجّه ضدّ الأجير
– التحرّش الجنسي ــ التحريض على الفساد .
وقد إعتبرت هذه المادّة مغادرة الأجير لشغله بسبب أحد الأخطاء الواردة في هذه المادة،ففي هذه الحالات فإنّ إرتكاب المشغّل لإحداها بمثابة فصل تعسّفي .

وبصفة عامّة فإنّ التمييز الجوهري بين الخطأ الجسيم والخطأ غير الجسيم،يتمثّل في العقوبة المتّخذة من طرف المشغل، فالأجير الذي يرتكب خطأ جسيما فإنّه لا محالة يعاقب بالفصل من العمل مباشرة دون إستفادته من أي حقّ، أمّا الأجير المرتكب لخطأ غير جسيم،فتتّخذ في حقّه إحدى العقوبات التأديبية المنصوص عليها في المادّة 37 من مدوذنة الشغل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعرف المزيد

تابعنا على :