آخــر المستـجــدات :

آخر المستجدات

الخميس، 30 مارس 2017

الحق في الشغل من خلال الإتفاقيات الدولية والقانون المغربي

 
مـقــدمـة :
يعتبر الحق في الشغل من الحقوق ذات الارتباط الوثيق بكرامة الإنسان، حيث إن عدم توفير فرص عمل للمواطنين القادرين عليه وابتعادهم عن سوق الشغل، يخلف دائما شعورا بالمساس بالكرامة وبالإقصاء، باعتبار الشخص المقصي غير قادر على الإنتاج، وعلى المساهمة في تطوير المجتمع إقتصاديا، لذلك كانت دائما المطالبة بالحق في الشغل وبالحرية في إختياره، من أهم ما تواجه به الحكومات من طرف مواطنيها، على اختلاف تكويناتهمونوعياتهم وأجناسهم، لدرجة جعلته يرتقى إلى مصاف الحقوق السامية، التي تنص عليها العديد من دساتير الدول وتلح عليها المواثيق الدولية .
مكانة القانون الدولي في هرم القانون الوطني :
إنَّ إجتهاد مختلف المحاكم الدولية وهيئات التحكيم على الصعيد العالمي، ثابتة في موضوع الإتفاقيات الدولية، حيث أنها تجمع على أسبقية القانون الدولي على القوانين الداخلية، كيفما كانت مرتبة هذه القوانين ونوعيتها، وسموه على كل الدساتير الداخلية، ولا يجوز لأي دولة أن تستظهر بمقتضياتها الدستورية، وإنما الإحتكام أولا وأخيرا للقانون الدولي والإلتزامات الدولية المشروعة .
مبدأ الحق في الشغل وطنيا ودوليا :
فقد جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، الذي جاء فيه : "أن الحق في الشغل... هو حق لكل إنسان".
وبرجوعنا إلى الفصل 31 من الدستور المغربي 2011 والذي جاء في مضمونه : " تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب إستفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة من الحق في : ( الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية، في البحث عن منصب شغل أو في التشغيل الذاتي، وولوج الوظائف العمومية حسب الإستحقاق.).
فإذا كانت منظمة العمل الدولية عند إنشائها، تبنت النهج الرامي إلى إحتكار الدولة لمسألة الوساطة في التشغيل، فإنها تراجعت عن هذا النهج من خلال الإتفاقية رقم 181،المتعلقة بوكالات الإستخدام الخاصة الصادرة بتاريخ 19 يونيه 1997، وأيضا توصية منظمة العمل الدولية رقم 188، بشأن وكالات الإستخدام الخاصة الصادرة بنفس التاريخ، ولقد صادق المغرب على هذه الإتفاقية في 1 سبتمبر 2000، وقد تمت ترجمت هذه المصادقة من خلال مدونة الشغل (المواد من 475 إلى 506).

وهكذا فإن المشرع المغربي قرر من خلال هذه المدونة، إنهاء إحتكار الدولة للوساطة في التشغيل، من خلال خلق وكالات خاصة تعمل بجانب الدولة، من أجل تنظيم وتأطير سوق الشغل، وذلك تحت وصاية السلطات العمومية والحكومية والقضائية.



إن أهم ما ركزت عليه الاتفاقية رقم 181 وكذا التوصية المتعلقة بها، هو ضمان الحق في المساواة في الشغل، وفي الصحة المهنية، فالمادة التاسعة من التوصية رقم188، نصت على وجوب منع أي وضع أو نشر، الإعلانات عن الوظائف الشاغرة أو عروض العمل، بأساليب تؤدي بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إلى التمييز على أسس معرقية أو لونية أو جنسية أو دينية أوسياسية، أو بسبب الإنتماء الوطني أو الأصل الإجتماعي أوالأثني، أو الوضع الزوجي أو العائلي أو الميل الجنسي، أو العضوية في منظمة عمالية.
فهذه المادة تنص على مبدأ المساواة، في الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالتشغيل، وسيرا على هذا النهج فقد أكدت المادة 478 من مدونة الشغل، على تحريم نفس مظاهر التمييز الواردة في التوصية الدولية المذكورة .
وهذه المسألة، أي مسألة عدم التمييز في الوصول إلى الشغل، تنص عليها أيضا الإتفاقية رقم 122، المتعلقة بسياسة العمالة في مادتها الأولى، التي تقضي بأن السياسة العمالية يجب إن تضمن لكل عامل حرية اختيار العمل، وأن توفر أفضل فرصة ممكنة للشغل، وللوظيفة التي تناسب قدراته ومؤهلاته، لكي يتمكن من إستخدام مهاراته ومواهبه فيها، بغض النظر عن العرق أو اللون أو الجنس أو الدين،أو الرأي السياسي أو الأصل الوطني أو الأصل الإجتماعي.
و ينبغي على وكالات الإستخدام أيضا، أن تحرص على إحترام حق الأفراد في الصحة والسلامة المهنية، فالمادة 8 من الإتفاقية تنص على منع تشغيل العمال، في وظائف تنطوي على مخاطر أو أخطار غير مقبولة ، وهو نفس التوجه الذي أكدته المادة 497 من مدونة الشغل .
كما أن الوكالات الخاصة بالتشغيل، ملزمة أيضا بضمان حرمة الحياة الخاصة لطالب العمل، وهذا ما أكدت عليه المادة 6 من الإتفاقية رقم 181، وذلك من خلال تحديد الكيفية التي ينبغي إتباعها، في معالجة البيانات الشخصية للعمال، بعيدا عن الزبونية والمحسوبية.
وهذا ما سار عليه المشرع المغربي، من خلال المادة 479 من مدونة الشغل، التي تنص على أنه يجب أن تتم معالجة البيانات الشخصية لطالبي الشغل، من قبل وكالات التشغيل الخصوصية بكيفية تراعي إحترام الحياة الخاصة للمعنيين بالأمر، مع إقتصارها على المسائل التي ترتبط بمؤهلاتهم وخبراتهم المهنية.
وزيادة في الضمانات المخولة لطالبي العمل، نجد أن المادة 10 من الإتفاقية، تنص على ضرورة إلزام السلطات المختصة، بإيجاد آليات وإجراءات ملائمة، من أجل التحقيق في الشكاوى والتجاوزات، المتعلقة بأنشطة وكالات الإستخدام الخاصة، وهو الأمر الذي نص عليه الفصل 31 من الدستور، وهو ما ذهب إليه أيضا المشرع المغربي في مدونة الشغل، بنصه على آليات لمراقبة عمل هذه الوكالات، وذلك من خلال المادة 484 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعرف المزيد

تابعنا على :